Translate

الخميس، أغسطس 23، 2012

من أوجد مصطلح الوطن العربي؟

الغوص في تاريخ منطقتنا القديم، وتصفح الكتب التي تلخص معالم الزمن ومحطات الشرق الأوسط، والتدقيق في الآثار والتحف الحضارية التي تركها أجدادنا إرثا ننهل منه عظمتهم … لم يتضمنوا أي ذكر أو وجود ” للشعب العربي”.
فأرض النيل (مصر اليوم) مرورا  (فلسطين ودولة إسرائيل وغربي الأردن اليوم)، ومنطقة الشام (سوريا ولبنان اليوم) وصولا إلى بلاد ما بين النهرين (العراق وكردستان اليوم)… لم تشهد يوما دولا عربية كما أنها لم تتعرف على الحضارة العربية البتة.
من هم العرب ؟
يحدثنا التاريخ، أن العرب هم سكان البادية المعروفون اليوم بالبدو؛ قبائل الصحراء الرحل الذين يسكنون الخيام ويعيشون على رعي الإبل والماشية ويتنقلون من مكان لآخر طلبا للماء والكلأ معتمدين على تجارة البضائع.
بعد أن توقفوا عن عبادة الأوثان واعتمدوا الإسلام دينا لهم، خرج المسلمون من شبه الجزيرة العربية خلال ما سمي “بالفتح الإسلامي”  ( القرن السابع ميلاديا) مسيطرين على السكان الأصليين، و على ممتلكاتهم وارث أجدادهم ليبنوا عليها إمبراطوريتهم الإسلامية ، مغتصبين أراضي حضارات غيرهم.
نجح العرب خلال حكم الأمويين ( 750/661) في احتلال جزءا من الشرق الأوسط ، معتمدين سياسة الاستيطان من خلال استقدام أعداد من المسلمين العرب من شبه الجزيرة العربية موطنهم الأم، وتوطينهم في الشرق الأوسط.
لم يكتب العمر المديد للحكم العربي، إذ أن مهمتهم  التاريخية انتهت على يد  الفارسيون والأتراك والسلجوقيون واكورد والمماليك وغيرها من الامبرياليات التي احتلت وسيطرت على أراض من الشرق الأوسط ، شمال إفريقيا وأوروبا.
لتبلغ ذروتها مع حكم الامبريالية التركية – العثمانية التي أخضعت مناطق شاسعة من الشرق الأوسط لسيطرتها لعقود طوال (تفككت نهائيا عام1923).
إيديولوجية “العروبة”
تبلورت فكرة “العروبة” على يد مثقفين من الشرق الأوسط أبناء الأقليات: مسيحيون، علويون وغيرهم من مَن تلقى علومه في الغرب لا سيما في فرنسا، إذ رأى هؤلاء أنه لا بد من فكرة “الهوية المشتركة” بين شعوب وطوائف الشرق الأوسط المتعددة قوامها اللغة العربية ” الفصحى”، التي كانت في تلك الفترة ” لغة ميتة” – يتحدثها فقط رجال الدين الإسلامي وثلة من الأدباء فقط.
هدف المثقفون الأساسي آنذاك كان الحؤول دون العودة إلى وضعية “مواطن درجة ثانية” أي (الذمية) بسبب الاعتبارات الدينية والاثنية في دولة ذات أكثرية إسلامية، كما حصل في حقبة السلطنة العثمانية.
” العروبة كـإيديولوجية سياسية” صُدّرت إلى الشرق الأوسط في القرن العشرين على يد الإمبراطورية البريطانية والفرنسية كأداة فعالة في إسقاط الإمبراطورية العثمانية والسيطرة على الأراضي الواقعة تحت سيطرتها :
سياسة فرنسا وبريطانيا تلخصت آنذاك في أن إقامة حركة قومية “قاعدتها عربية” متعاطفة مع البريطانيين، ستساعد في تفكيك الإمبراطورية العثمانية وتؤدي إلى نفوذ هاشمي- بريطاني – فرنسي على المنطقة، وبالتالي تسهل عليهم السيطرة والتحكم في موارد النفط و نوافذ التجارة البرية والبحرية في الشرق الأوسط.
بدأ البريطانيون وحليفهم الشريف العربي حسين بن علي الهاشمي بتسويق “العروبة” بدءا من عام ١٩١٥، وكان الأخير قد
طالب بإقامة “الدولة العربية الكبرى” بعد انتصار “الحلفاء” على العثمانيين، بمؤازرة بريطانية وبناء على ذلك قدم لهم كل الدعم والمساعدة بالاعتماد على القبائل البدوية التي كانت تحت أمرته.
أوجد البريطانيون وأعوانهم مصطلح ” الوطن العربي” أو “العروبة” وعمدوا إلى تطويره فارضين كذبة أقنعت من اتسم بجهل التاريخ أن الشرق الأوسط هو منطقة “عربية” الأصل وأن سكان المنطقة جميعهم ذو هوية وأصول عربية.
النتائج المرة لهذه “اللعبة” انعكست سلبا على هوية الشعوب الأصلية، إذ قضت على التاريخ الحقيقي لأبناء المنطقة، من خلال حذف وتجاهل هويتهم، لغتهم، وحضارتهم لصالح الهوية العربية البديلة “المخترعة” والمزيفة
هل بإمكان احد الادعاء أن الفراعنة كانوا ذي أصول عربية، من حيث اللغة والشكل؟
هل كان حمورابي ملك بابل عربيا؟
هل كانت مملكة إسرائيل على رأسها الملك سليمان مملكة عربية؟
وهل جاء حيرام ملك صور من جذور عربية؟
أسئلة تفرض نفسها وتقودنا إلى إجابة واضحة وواحدة:.........ا
اليوم، وبعد عقود من العنف و الحقد والحروب باسم العروبة المفبركة، بدأت بوادر الحقيقة تلوح في الأفق وإشعاعاتها تضيء جذور شعوب المنطقة، وبدأت حقيقة هذا المشروع تظهر للعلن، لا سيما وان أدواتها -الأحزاب الحاكمة الواحدة- في الدول العربية مارست أبشع أنواع الظلم والاضطهاد بحق شعوبها التي تقول إنها “عربية”.



ليست هناك تعليقات: